تنفق الولايات المتحدة الأمريكية، مئات الملايين من الدولارات، لتجميل صورتها الذهنية في العالم، وتدير تلك الصناعة عبر المؤسسات الإعلامية وشركات الإنتاج الكبرى، وتعيد إنتاجها مرارا وتكرارا، لإبقاء الأمة الأمريكية في موقع مرموق، وترسخ صورتها كدولة راعية للسلام والتفوق الإنساني.
من تلك الصور المنتقاة بدقة، ذلك الجندي الأمريكي الذي يسرع لإنقاذ طفلة صغيرة، على الرغم من كونها من أبناء العدو، أو الصعود لقمة جبل للبحث عن قطة مفقودة، أو الغوص داخل الآبار والأنفاق لإنقاذ محتجزين.
الجندي الأمريكي في الحروب كما تصوره لنا «هوليود»، بطل ينقذ العالم، وفي طريقه لإنقاذ العالم لا تنسى الحكومة الأمريكية إظهار إنسانيته واحترامه للحياة وحقوق الآخرين، خاصة وهو يقوم بأدوار غير الأدوار المناط بها.
هو صاحب جسم رياضي وعضلات مفتولة، ومقاتل شجاع، قادر على تغيير مسار المعارك وقلب النتائج، ولوحده يستطيع أن يهزم جيشا بأكمله، لكنه أيضا ودائما «إنسان» وصاحب قلب حي.
هل نتذكر قصة الفيلم الهوليودي الشهير، عن الجيش الأمريكي الذي يسارع لإنقاذ طفلة صغيرة من مخيم للاجئين في البوسنة، وفي خضم ذلك يقوم أفراد الجيش الموكلين بالمهمة حمل قطتها معها، هي الصورة التي تحارب من أجلها أمريكا وتبذل الغالي من أجل فرضها.
هل نتذكر النكتة التي قيلت إبان الحرب الباردة بين أمريكا والدول الشيوعية، عندما أسر مستشار الأمن القومي الأمريكي للرئيس أن الصين طلت الشمس باللون الأحمر - تعبيرا عن تمدد الفكر الشيوعي -، أجاب الرئيس: اكتبوا عليها كوكا كولا.
هي نكتة بسيطة لكنها عميقة، تفسر أهمية السياسة الناعمة، التي استطاعت أمريكا من خلالها السيطرة على العالم، بمشروب غازي ووجبة برغر رخيصة.
من السياسة الناعمة، التي حباها الله للمملكة، ويمكن أن تمتلك بها قلوب ومشاعر العالم الإسلامي، موسم الحج الذي يترقبه العدو قبل الصديق، ونجاحه ونجاح الخدمات فيه، يعطي السعودية حضورا طاغيا في العالم.
إدارة مليوني إنسان يؤدون مناسك بعينها في وقت ومكان واحد، أمر صعب وشاق، لا تستطيع الوحدات المدنية القيام به مهما بذلت؛ لأنه يعتمد على الطاقة الجسمانية، والانضباط العسكري، ولذلك يقوم رجال الأمن في وزارة الداخلية والجيش والحرس الوطني، بواجبات مدنية مساندة، ثبت نجاحها طوال الأعوام الماضية، إضافة لمهماتهم العسكرية في حماية الأمن.
هذه الأدوار تتطلب عفوية وإنسانية بالغة، لا يمكن أن تجبر «رجل أمن» عليها، بل أقصى ما تفعله هو حثه عليها، فكيف إذا قام وابتكرها من تلقاء نفسه، كلها مبادرات فردية نتيجة فعل اللحظة، وليست صناعة هوليودية مبتذلة، استطاع الإعلام الجديد التقاطها وبثها.
وهي عادة ما تنتج من علاقات عابرة مع حاج جاء من أقصى أصقاع الأرض، مملوءا بالمشاعر والرومانسية، فيفيض عليه رجل الأمن بشيء من الشهامة والمروءة، يصب على رأسه الماء، أو يبرد عليه بالهواء، أو يحمله، دون أن يسأله عن هويته أو مذهبه، فقط هو ضيف الرحمن، ويحق لضيف الرحمن ما لا يحق لغيره.
لو دفعت الحكومة السعودية مئات الملايين لتحسن صورتها الذهنية، لما استطاعت أن تحسنها وترسخها، كما تفعله تلك اللقطات العفوية لجنودها، وهم ينثرون إنسانيتهم على الأرض وفي قلوب الناس.
اليوم يقف الجندي السعودي، موقف الشرف على حدود بلاده باذلا الغالي والرخيص، ورغم كثرة الجهد ووطأة الحرب، يساهم أيضا كتفا بكتف مع زملائه في المؤسسات المدنية لخدمة الحجيج.
إن رجال الأمن السعوديين هم حلقة من حلقات استقرار بيتنا السعودي، والحركيون يعون ذلك، ويبذلون أقصى ما يستطيعون لهدمه.
كما شوهوا من قبل المؤسسة الدينية الرسمية، وحولوا كل من فيها إلى «جامية» ليفضوا الناس عنها، وشنعوا على المؤسسات الثقافية والإعلامية؛ لتموت رسالتهم في الدفاع عن الوطن.
ما يحاول الحركيون تصويره في وجدان السعوديين، أمران لا ثالث لهما؛ أولا.. التشكيك في نجاح الحج غيرة وحسدا، وهم من كان يترقب فشله بلهفة؛ لارتباطهم بأجندات إقليمية ودولية.
ثانيا.. هو جزء من طريق طويل، لهدم الصورة الإيجابية عن رجال الأمن في قلوب المواطنين، ليسهل تشويههم، وتخوينهم، وتكفيرهم، ومن ثم اغتيالهم شعبيا، ليعقبه قتلهم فعليا، تذكروا المشهد بدقة، بدءا من «فكوا العاني»، وانتهاء بهذا الحج.
m.assaaed@gmail.com
من تلك الصور المنتقاة بدقة، ذلك الجندي الأمريكي الذي يسرع لإنقاذ طفلة صغيرة، على الرغم من كونها من أبناء العدو، أو الصعود لقمة جبل للبحث عن قطة مفقودة، أو الغوص داخل الآبار والأنفاق لإنقاذ محتجزين.
الجندي الأمريكي في الحروب كما تصوره لنا «هوليود»، بطل ينقذ العالم، وفي طريقه لإنقاذ العالم لا تنسى الحكومة الأمريكية إظهار إنسانيته واحترامه للحياة وحقوق الآخرين، خاصة وهو يقوم بأدوار غير الأدوار المناط بها.
هو صاحب جسم رياضي وعضلات مفتولة، ومقاتل شجاع، قادر على تغيير مسار المعارك وقلب النتائج، ولوحده يستطيع أن يهزم جيشا بأكمله، لكنه أيضا ودائما «إنسان» وصاحب قلب حي.
هل نتذكر قصة الفيلم الهوليودي الشهير، عن الجيش الأمريكي الذي يسارع لإنقاذ طفلة صغيرة من مخيم للاجئين في البوسنة، وفي خضم ذلك يقوم أفراد الجيش الموكلين بالمهمة حمل قطتها معها، هي الصورة التي تحارب من أجلها أمريكا وتبذل الغالي من أجل فرضها.
هل نتذكر النكتة التي قيلت إبان الحرب الباردة بين أمريكا والدول الشيوعية، عندما أسر مستشار الأمن القومي الأمريكي للرئيس أن الصين طلت الشمس باللون الأحمر - تعبيرا عن تمدد الفكر الشيوعي -، أجاب الرئيس: اكتبوا عليها كوكا كولا.
هي نكتة بسيطة لكنها عميقة، تفسر أهمية السياسة الناعمة، التي استطاعت أمريكا من خلالها السيطرة على العالم، بمشروب غازي ووجبة برغر رخيصة.
من السياسة الناعمة، التي حباها الله للمملكة، ويمكن أن تمتلك بها قلوب ومشاعر العالم الإسلامي، موسم الحج الذي يترقبه العدو قبل الصديق، ونجاحه ونجاح الخدمات فيه، يعطي السعودية حضورا طاغيا في العالم.
إدارة مليوني إنسان يؤدون مناسك بعينها في وقت ومكان واحد، أمر صعب وشاق، لا تستطيع الوحدات المدنية القيام به مهما بذلت؛ لأنه يعتمد على الطاقة الجسمانية، والانضباط العسكري، ولذلك يقوم رجال الأمن في وزارة الداخلية والجيش والحرس الوطني، بواجبات مدنية مساندة، ثبت نجاحها طوال الأعوام الماضية، إضافة لمهماتهم العسكرية في حماية الأمن.
هذه الأدوار تتطلب عفوية وإنسانية بالغة، لا يمكن أن تجبر «رجل أمن» عليها، بل أقصى ما تفعله هو حثه عليها، فكيف إذا قام وابتكرها من تلقاء نفسه، كلها مبادرات فردية نتيجة فعل اللحظة، وليست صناعة هوليودية مبتذلة، استطاع الإعلام الجديد التقاطها وبثها.
وهي عادة ما تنتج من علاقات عابرة مع حاج جاء من أقصى أصقاع الأرض، مملوءا بالمشاعر والرومانسية، فيفيض عليه رجل الأمن بشيء من الشهامة والمروءة، يصب على رأسه الماء، أو يبرد عليه بالهواء، أو يحمله، دون أن يسأله عن هويته أو مذهبه، فقط هو ضيف الرحمن، ويحق لضيف الرحمن ما لا يحق لغيره.
لو دفعت الحكومة السعودية مئات الملايين لتحسن صورتها الذهنية، لما استطاعت أن تحسنها وترسخها، كما تفعله تلك اللقطات العفوية لجنودها، وهم ينثرون إنسانيتهم على الأرض وفي قلوب الناس.
اليوم يقف الجندي السعودي، موقف الشرف على حدود بلاده باذلا الغالي والرخيص، ورغم كثرة الجهد ووطأة الحرب، يساهم أيضا كتفا بكتف مع زملائه في المؤسسات المدنية لخدمة الحجيج.
إن رجال الأمن السعوديين هم حلقة من حلقات استقرار بيتنا السعودي، والحركيون يعون ذلك، ويبذلون أقصى ما يستطيعون لهدمه.
كما شوهوا من قبل المؤسسة الدينية الرسمية، وحولوا كل من فيها إلى «جامية» ليفضوا الناس عنها، وشنعوا على المؤسسات الثقافية والإعلامية؛ لتموت رسالتهم في الدفاع عن الوطن.
ما يحاول الحركيون تصويره في وجدان السعوديين، أمران لا ثالث لهما؛ أولا.. التشكيك في نجاح الحج غيرة وحسدا، وهم من كان يترقب فشله بلهفة؛ لارتباطهم بأجندات إقليمية ودولية.
ثانيا.. هو جزء من طريق طويل، لهدم الصورة الإيجابية عن رجال الأمن في قلوب المواطنين، ليسهل تشويههم، وتخوينهم، وتكفيرهم، ومن ثم اغتيالهم شعبيا، ليعقبه قتلهم فعليا، تذكروا المشهد بدقة، بدءا من «فكوا العاني»، وانتهاء بهذا الحج.
m.assaaed@gmail.com